هَذَا سَائِلٌ يَسْأَلُ مِنْ الداخل السُّورِي، يَقُولُ: كَثُرَ سَفَرُ السُّورِيِّينَ إِلَى بِلَادِ أُورُوبَا وَأَمْرِيكَا، فَهَلْ يَجُوزُ السَّفَرُ فِي ظِلِّ هَذِهِ الْأَوْضَاعِ الْقَائِمَةِ، وَهُنَاكَ بَعْضُ النَّاسِ يُفْتِيهِمْ بِالْجَوازِ، وَمَا الشُّرُوطُ وَالضَّوَابِطُ لِلسَّفَرِ لِتِلْكَ الْبِلَادِ؟
أَوَّلًا: نَقُولُ- بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمْ -, نَسْأَلُ الَّله أَنْ يُفَرِّجَ كُرْبَةَ إِخْوَانِنَا فِي بِلَادِ الشَّامِ، وَأَنْ يُفَرِّجَ كُرَّبَ أَهْلِ الْحَقِّ، وَأَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي كُلِّ بِقَاعِ الْأَرْضِ؛ فِي الْيَمَنِ، وَفِي الْعِرَاقِ، وَفِي لِيِبَّيا، وَفِي غَيْرِهَا مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ جَمِيعًا، فِي أَيِّ مَكَانٍ كَانَ، نَسْأَلُ الَّله أَنْ يُفَرِّجَ كُرْبَتَهُمْ، وَأَنْ يُكْبِتَ عَدُوَّهُمْ.
ثَانِيًا: إِذا كَانَ وَلَابُدْ لِهَؤُلَاءِ مِنْ خُرُوجٍ، وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا الْبَقَاء لِمـَانِعٍ، فَالْأَوْلَى لَهُمْ الذَّهَاب إِلَى بِلَادٍ إِسْلَامِيَّةٍ؛ لِإِقَامَةِ شَعَائِرِ الَّله-جَلَّ وَعَلَا-، وَالْحِفَاظِ عَلَى دِينِهِمْ، وَعَلَى تَرْبِيَّةِ أَوْلَادِهِمْ وَذَوِيهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا ذَلِكَ، وَوَجَدوا مَلْجَأً، أَوْ مَكَانًا إِلَى هَؤُلَاءِ ضَرُورَةً، ضَرُورَةً، أَنَا أُؤَكِّدُ لِلضَّرُورَةِ، لِلضَّرُورَةِ، لَا حَرَجْ، لَكِنْ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الْإِقَامَةِ الدَّائِمَةِ، مَتَى مَا يَسَّرَ الَّلُه لَهُمْ الرُّجُوعَ، رَجَعُوا مُبَاشَرَةً، لَكِنْ الْوَاجِبُ المْـُتَعَيِّنِ أَنْ يَبْحَثُوا عَنْ بِلَادِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، هَذَا أَوَّلًا.
لَمْ يَسْتَطِيعُوا الْبَقَاء لِمـَانِعٍ شَرْعِيٍّ، لَهُمْ الْخُروجُ إِلَى بِلَادِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، إِنْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا، وَالْأَمْرُ فِيهِ اضْطِّرَارٌ وَضَرُورَةٌ لَا حَرَج، لَكِنْ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الْإِقَامَةِ، مَعَ مَعْرِفَةِ وَضَرُورَةِ أَنْ يُحَافِظَ الْمـَرْءُ عَلَى دِينِهِ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ، وَأَنْ يَحْرِصَ عَلَى التَّمَسُّكِ بِهَذِهِ الشَّرِيعَةِ الطَّاهِرَةِ، وَأَنْ يُحَافِظَ عَلَى أَبْنَائِهِ، وَعَلَى أَوْلَادِهِ، وَأَنْ يَبْتَعِدَ عَنْ مُخَالَطَةِ أَهْلِ الْكُفْرِ، وَالْاسْتِرْسَالِ مَعَهُمْ؛ حَتَّى لَا يَنْسَاقَ، وَيَنْخَدِعَ، وَيَكُونَ مَعَهُمْ، وَيَصِيرَ إِلَيْهِمْ، -نَسْأَلُ الَّله السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَةَ-، إِنَّمَا ذَهَابُهُ لِضَرُورَةٍ، وَالضَّرُورَةُ تُقدَّرُ بِقَدَّرِهَا، وَالَّلُه أَعْلَى وَأَعْلَمْ.