جديد الموقع

8884117

السؤال: 

هذا يتكلم عن مسألة الأمس، يقول: إذا كان الحديث المروي عن أبي هريرة الموقوف عنه أصح، وتبين ضعف المرفوع، أليس قد تساوى مع ما روي عن ابن عباس فما هو المرجح؟

الجواب: 

لو كان معنا منتبهًا لما سأل هذا السؤال، وذلك نحن قلنا إن كلام عبد الله بن عباس - رضي الله تعالى عنهما- أولًا هو مصادم لصريح المرفوع، حديث أنس بن مالك الكَعبي، وأيضًا في الوقت نفسه قد خالفه صحابة آخرون، وقلنا إن قول الصحابي إنما يكون حجة إذا لم يخالفه صحابي آخر، فهذا فائدة أيش؟ هذا فائدة المخالف الآن وجود قول المخالف، وهو أننا نتخير حينئذ من أقوال الصحابة ما يوافق الدليل والذي يوافق الدليل قول أبي هريرة وإلا قول ابن عباس؟ قول أبي هريرة.

وأيضًا لما يوافق الصحيح في القياس، فإن القياس عند ابن عباس - رضي الله عنهما- كان لهذه المرأة الحامل، ولهذه المرأة المرضع كان منه قياسًا لهما على الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصوم والمرأة الكبيرة فيفطران ويطعمان، فهل الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة ممكن أن يعود بهما السن إلى الوراء فيقويان على الصيام؟ ما يقوى لا هو ولا هي على الصيام، لا يقويان على ذلك، فإذا كان كذلك فهل الأصح من القياسين أو في القياسين قياس من قاس الحامل والمرضع على المريض والمسافر أو قياس من قاس الحامل والمرضع على الكبير؟ على المريض والمسافر لأن المريض يصح، والحامل تضح الحمل وتصح، والمرضع تنتهي مدة رضاعتها - كما قلنا بالأمس- ويزول عنها الألم والتعب والخوف؛ فأشبها المريض إذا صح والمسافر إذا قدم، اللذين قال الله فيهما: { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184].
فلما كان الأقيس في القياسين أو من القياسين قياس من قاسهما على المريض والمسافر كان إلحاق حكمهما بهما أولى من إلحاق حكم الكبير والكبيرة بهما، أو إلحاقهما بحكم الكبير والكبيرة، وذلك ﻷن أولئك عجزهما لا يرتفع، أما المريض والمسافر فعجزه يرتفع، فإذا نظرت فإن الحامل والمرضع عجزهما يرتفع، فإذا كان كذلك فقد أحكم الرد من جميع الجوانب واستفدنا من قول أبي هريرة بأنه ليس قول ابن عباس بأولى بالقبول من قول أبي هريرة.

ثم أضفنا على ذلك شيئا آخر وقلنا: إذا كان هذا في حال واحدة وهي حال ما إذا وجد مخالف له من الصحابة وجب علينا أن نتخير ما كان موافقا لعموم الأدلة فكيف إذا كان الراوي نفسه أو القائل نفسه بهذا الحكم قد ورد عنه قول آخر؛ فإنه حينئذ يجب علينا أن نأخذ بأقرب قوليه هو إلى بقية الأدلة والله أعلم، فلعل أخي أو ابني هذا لم يكن معنا في حين الشرح أو لعلي أنا قصرت.

الشيخ: 
محمد بن هادي المدخلي