هذا سائل قال أحسن الله إليكم، وزادكم من فضله. العلماء كالنجوم إلخ ما وصيتكم لمن يعيش في بلد لا علماء فيه، وهو على سنة ويخاف على نفسه في زمن كثرت فيه الفتن، والاختلافات أو كذا؟
هذا بارك الله فيك لا شك أنت ترى، وقد ذكر الإمام ها هنا الآجري - رحمه الله - أن في موت العلماء وفقدهم فقد خير كثير، ومصيبة عظيمة تصيب المسلمين. وهذا من نقصان الأرض، وثلمها أن يقل العلماء بموتهم، إما بالموت وإما من تنفير الناس عنهم.
لكن أما وأنه إذا ما كان في بلد لا علماء فيه كما يصف، وهو على خير وسنة، فوصيتي له وللجميع بلزوم تحقيق تقوى الله عز وجل سرا وعلانية، فمن اتقى الله وقاه، وكلما اتقى العبد ربه هداه، وكلما هداه زادت تقواه، فهو في مزيد هداية مادام في مزيد تقوى، كما قاله الإمام ابن القيم رحمه الله.
حقق التقوى، اجتهد في أن تطلب العلم قدر استطاعتك، والحمد لله، قد يسر الله هذه الوسائل التي لم تكن إلى عهد قريب موجودة، هذه وسائل الاتصال من الانترنت ودروس العلماء ولقاءات العلم، ودروس المشايخ وغيرها، تابع، وتأمل، وادرس وتفقه قدر استطاعتك. فلا يكلف الله إلا ما آتاها. واجتهد في هذا، وأصلح من شأنك، نعم، والزم غرز العلماء، ولا تخالف، ولا تشاقق، ولا تقحم نفسك في ما يهلكها.
فكم أدخل أناس أنوفهم في مسائل عديدة فأهلكوا أنفسهم، ولم يخرجوا منها حتى الساعة.
علِّم نفسك وأنذر عشيرتك الأقربين من أهلك، إن كنت متزوجا في زوجتك، أولادك، أهلك، حافظ عليهم، تمسك قدر استطاعتك، واسأل الله الثبات دائما.
وهنا قضية ذكرها لي اليوم أحد الأخوة، ورغب أن ننبه عليها، وجاءت المناسبة كما يقال. كثير ويشير في السؤال في زمن كثرت فيه الفتن والاختلاف. لا شك هذا من علامات الساعة، وأن تنفرط الفتن وتتتابع كتتابع العِقد، ويدفق بعضها بعضا، ويرقق بعضها بعضا، نسأل الله الثبات لنا ولكم ولجميع أهل السنة في مشارق الأرض ومغاربها حتى نلقاه.
لكن أرأيت المرء لو عرف قدر نفسه فوقف عندها وألزمها ما يجب عليه التزامها؛ فكف عما لا يعنيه وأبعد أنفه من اقحامها في كل ما لا يصح لها شمه، والقرب منه، فلزم الغرز وتأمل ولم يقحم لسانه في كل شاردة وواردة. أما كان في عافية وفي خير!
أما كانت الناس في بلده في خير، ترى الشاب الغر الغمر يقحم نفسه هو في بلاد مثلا -ما أريد أن أسمي مثال يعني ما أقصد شخصا بعينه- لكن أقول في بلاد ما؛ حتى لا تتحسس، يقحم أنفه في أمر في بلاد أخرى ويحاول أن يستخرج نتيجة إلا وإلا وإلا، ويجيش، ويكتل، ويناصر، ويشتغل الليالي والأيام، ويسهر الساعات الطوال في التنقيب والتحفير عبر هذه الأجهزة التي خربت عقول كثير من الناس صحيح؟! انتصارا لمقالته.
ولَــــمَّـــا يتكلم أهل العلم في المسألة، ولا زالوا يدرسون، ولا زالوا ينظرون، ويأملون في الإصلاح والنصيحة والتصحيح، إذا بذاك الغمر ها هناك يصيح فيزعج أهله ومن في بلده، وينتقل الإزعاج إلى أولئك عبر هذه الوسائل، ثم تصير الأمور إلى ما تصير إليه، ثم يزعجون المشايخ "عندنا شخص وقال ويقول"، أوليس ذلك هذا اللي حاصل؟!
فلو وقف كل امرئ عند حده، وعرف كل قدر نفسه، وعرفت الناس أوصاف العلماء، وطرائق العلماء، ومن يستفتى، ومن يسأل، ومن هو الأهل لذلك والله لأراحوا أنفسهم، وأراحوا الناس معهم، وسلمت البلاد والعباد من كثير من هذه الفتن.
اجلس فقد آذيت وآنيت، الصلاة قائمة والجموع مجتمعة، يأتي فيها والخطيب يخطب، يريد أن يتخطى رقاب الناس، فيجلس في الصف الأول، إذا ما أردت الصف الأول بكِّر أليس كذلك؟ أما تأتي والخطيب يخطب، وأنت تتقحم وترتقي رقاب الناس، ما يصلح، لا يصلح، لا بد أن تعرف قدر نفسك، يتكلم في معضلة أمسك عليها كبار أهل العلم وفحول العلماء وأطباء العلل ولا يحسن أحدهم أن يصلي كما مر ويظن أن بتجميعه أول كانوا يجمعون الكتب الأن حتى كتاب يمكن ما تجد في البيت عنده، إنما تجد ماذا هذا الجهاز الذي يعني بدل أن يستعمل أو يستعمله الكثير في الخير صار يستعملونه في الشر.
أنا أقول استمع إلى شروحات العلماء هذه من نعمة الله، استمع إلى خطاباتهم إلى توجيهاتهم إلى شروحاتهم إلى إلى إلى.
فبدل أن يستمعوا يسمع إلى الشذاذ والأغمار، الذين هم في قعر الدنيا لكن أراد أن يكون لهم صيحة رأى الناس تصيح فصاح معهم.
فأثر على نفسه وأثر على غيره وأثر على مجتمعه وأضر بالدعوة في بلده كم هي الدعوات التي تضررت في كثير من البلاد من بحماقات بعض الحمقى، نحن لا نتكلم من خيال نتكلم من خيال لا نتكلم من خيال، هذا واقع لا يكابره ولا ينكره إلا جاحد.
يا أبنائي والله وصية مشفق امسكوا، وليعلم كلٌ قدر نفسه هذا ليس سخرية بالناس هذا من الشفقة على الناس، يقول عبد الله بن مسعود "من أفتى الناس بكل ما يسألونه مجنون"، كم من الذين يفتون في كل من هب ودرج؟!!
يا أخي أرحم نفسك لا تهلكها، ولا تهلك الناس معك ولا تشغب على الناس، أقبل على ما ينفعك، تعلم أمر دينك، لا تخض فيما لا يعنيك، الزم غرز العلماء، السلامة في هذا.
أما مع كل قضيه لابد أن يكون لك فيها سهم بجهل، ومحاولة البروز والمظاهرة بل بعضهم يأتي ويصوب ويخطأ أهل العلم بجهل وهوى، وإذا جاءك يسأل عن رمضان وما يتعلق بالفطر والصيام ونحو ذلك ما عرف الجواب؟! صحيح.
وإذا جاءك العمرة تجاوزت الميقات ونسيت التلبية فعلت كذا، لا يعرف الأجوبة في هذا؟!! ثم يتكلم في معضلات ومزالق!
بعض البلدان سالت دماء بمثل هذه الكلمات ينشرها فلان وينشرها علان، صحيح! هلا سكتوا وأنصتوا فأراحوا الناس واستراحوا يعني سؤال أيعجز أهل العلم الفحول إذا ما نزلت نازلة في أي مكان أن يتكلم في ليلتها إن كان شرقاً ولا غرباً شمالاً أو جنوباً لماذا يمسكون أحياناً ثمة أمور لا يعيها إلا العالمون وتغيب أذهان هؤلاء الأغمار تقحموا هذه المهالك، وأقحموا أنفسهم والناس معهم فلا تكن من هؤلاء، وأنا لا أعني شخصاً لكن احرص على أن تسلم احرص على أن تسلم ويسلم إخوانك أيضاً معك ولا حول ولا قوة إلا بالله.