جديد الموقع

888440

الجواب: 

الحمدلله وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أمَّا بَعْدُ.

فنحن على موعدٍ مع الآية من سورة النساء المعروفة عند أَهْلِ العلم بآية الحقوق العَشَرَة؛ تفضل يا شيخ عبدالله.

الشيخ عبدالله البخاري: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بِسْم الله الرحمن الرحيم ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾ [النساء:٣٦].

الشيخ عبيد: أحسنت، حسْبُك.

من تأمَّل هذه الآية عَلِمَ عِلْمَ اليقين أنَّها كما قال أهل العلم (آية الحُقوق العَشَرَة)، وهذه الحقوق قِسْمان، وإن شِئت فَقُلْ ثَلاثَة - كما سيأتي بسطُهُ بعد - إن شاء الله تعالى-:

- منها ما هو حقُّ الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- الواجِب على كلِّ مُسْلمٍ ومُسْلِمة مُكَلَّفيْن.

- ومنها ما هو حقٌّ لعباد الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- على ذلكم المسلم.

- ومنها ما هو أعمّ، فَيدخُل فيه حقُّ المُسلِم على المُسلم لنفسه هو؛ حقُّ المسلم لنفسه على نفسه.

هذا ما احتوته هذه الآية إجمالًا، وأما التَّفصيل فسنجتهد في بيانه - إن شاء الله-في جلساتٍ مُتتابعة، زادنا الله وإياكم علمًا نافعًا يَرْفَعُ به درجاتنا عنده في الدُّنيا والآخرة ويجعله حجَّةً لنا لا علينا.

نقْتَصِرُ اليوم على الحَقِّ الأول؛ وهو قوله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾ فإذا تأمَّلْتَ هذه الآية تَأمُّلَ مُنْشرِح الصَّدر، مُطْمَئن القلب، مُتَشَوِّفًا للحَق والعملِ به، وجَدْتَ أن هذا الحقَّ يتضمَّنُ شيئين لا انفكاكَ لأحدهما عن الآخر.

الأول: في قوله: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ﴾.

والثاني: ﴿وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ وهذا التّعاطُف يدُلُّكَ على أنَّ عِبادّة الله - عَزَّ وَجل- لا تَصْلُحُ إلا باجتنابِ الشِّرك، فَمن صَلَّى وصام وزكَّى وحجَّ،َ وَوَصَلَ الرَّحم وبَرَّ الوالدين وفَعل كُلَّ بابٍ من أبواب الخير، لكِنَّه يَدْعُو غَيْرَ الله، أو يَستغيثُ بِغير الله فيما لا يقدِرُ عليهِ إلا الله، أو يَذبحُ لغيرِ الله، أو ينذُرُ لغيرِ الله، حبِطَ عملُهُ كُلُهُ.

وهاهُنا التنبيه إلى أمرٍ مُهِم، يجهلُهُ كثيرٌ من المُنتسبين إلى العِلم، ولا يُبيِنُونهُ للناس، وإن كانوا يُقِرون بِهِ في أنفُسِهم، ويُعملُونهُ ظاهِرًا وباطِنا، وهو أن دين الإسلام الذي بَعَثَ اللهُ بِهِ جميع النبِيّين والمُرسلين، من لَدُن نوحٍ أولِهم، إلى محمدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خاتَمِهم، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليهم أجمعين، أساسُهُ أمران:  

الأمرُ الأول: الدعوة إلى عِبادةِ اللهِ وحده، وأن العِبادةَ محضُ حقِّه، لا شِركَةَ فيها، لملكٍ مُقَرَّب أو نبيٍّ مُرّسَل أو عبدٍ صالحٍ من الجِنِّ والإنس، والتحريضُ على ذلك، والمُولاةُ فيه، وتكفيرُ من تَركه.

الثاني: التحذّير مِن الشِّركِ في عِبادةِ الله، وأنهُ محبِطٌ للعَمَل، مَهما يَكُن المُشرَكُ بِه، سَواءً مِثلُ الجبل أو الذُبابة، والتغليظُ في ذلك والمُعاداةُ فيه وتكفيرُ من فعله.

وهذا الأمر وإن شِئَتَ فَقُل: هذِهِ القاعِدة، التي تتألف من هذين الأمرين الّلذيْنِ هُما أَساسُ الدّينِ وأَصلُهُ وقاعِدتهُ، كثيرٌ من الناسِ يجَهلُهُ، لِقلةِ البيانِ في ذلك ولكن أهلُ العِلم، الذين هُم أهلُه، الراسِخونَ فيه، دُعاةُ الحَقِ والبَصِيرَة، الناصِحون للأُمة هُم على هذا، وسنذُكُرُ ما تيسرَ من آيِ التنزيلِ الكَريم مُتّبعين بذلك ما تيّسر من صَحيحِ السُّنة عنْ النّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والأحادِيثُ في هذا تبلُغُ التواتُر، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾[النحل 36]، و(الطَّاغُوتَ) الشِرك، وقد بُسِطت هذِهِ المسألة في أقسام الطواغِيت ورُؤساءِهم في مواطِن عِدة، يعرِفُها المُكثِرون لِمُجالستِنا والمُتابِعون من خارج المساجِد.

الآية الثانية: قوله تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: ٢٣]، وهذا هو في معنى (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ) كما قرَّرهُ العُلماء في معنى هذا المُرّكّب (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ )، فـ (لَا إِلَهَ) نافيًا جميع ما يعبد من دون الله وإن شئت فقل نافيًا عبادة غير الله وأنها باطلة، وَ(إِلَّا اللَّهُ) مُثبتٌ العبادة لله وحدهُ دون سواه.

الآية الثالثة: قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: ٢٥]، (لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)، (لَا إِلَـٰهَ إِلَّا) إِلَّا من؟ قال: ( إِلَّا أَنَا)، فجميع ما يُتقرب إليه تَقرُب عبادة فعبادَتُه طَّاغُوتِ، ونُنبّهُ هنا إلى الفرق بين العبادة والمعبودين، فعبادة غير الله هي طَّاغُوتِ لا استثناء فيها، وسواءً كان المعبود مَلَكًا مُقَرَّبًا وَلَا نَبِيًّا مُرْسَلًا أوعَبْدًا صَالِحًا من الْجِنَّ وَالإِنسَ عبادته طَّاغُوتِ.

وأما الطّوَاغِيتْ فهم أقسام:

أَحدهم: من عُبِدَ من دونِ الله وهو راضٍ، وخُلاصة القول أنه ليس كُل من عُبد من دون الله هو طَّاغُوت لا، يَجبُ وعيُ هذا الفرق، فِعبادة غير الله لا استثناء فيها، كُلها طَّاغُوت، وأما المَعْبود فيختلف، فالْمَلَائِكَة الْمُقَرَّبُونَ والأَنْبياء الْمُرْسَلِون وعِبَاد الله الصَّالِحون عبادتهم طَّاغُوت، لأنّهم بُرئاء من عابديهم في الدنيا والآخرة، أما هم فليسوا بطواغيت كما قدمنا.

وأما السُّنةُ المتواترة فأختار منها هذا الحديث وهو عند أحمد ومُسْلِم، مِن حَديثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَال: «إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَأن يُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لهم» الحديث، وله قصَّة، فأعظّم ما يُعلَمُ أنه حَق وصدِق ودينٌ لله هو تَوحيدهُ- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-  وإفرادهُ بالعبادِة دون سِواه، ثُمَّ مِن بعدُ سائر الطّاعَات، مَفْروضَات ومُستحبّات:

فَمِن المُفروضات العمليّة :الصَلوَاتُ الخَمْس، وهي أعظّم أركان الإسلام بعد الشَهادّتين، ثم الزّكاة، ثم الصِيام، ثم الحجَّ، ثم بعد ذلك ما هُو مَبسوط في موضعه من الفرائضِ والنوافلِ.

وأَعظّم ما يجب التحذيرُ منه والنهيُ عنه والتشديد في ذلك هو الِشّرك في عبادة الله – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ثم من بعدُ سائر المعاصي من كَبائِر وَصَغائِر، هكذا دُعاة الحقِّ والبصيرة أُسوة بمحمدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومن سبقهُ من إخوانه النبيّين والمرسلين- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أجمعين، فمن سَلَكَ هذا المَسْلَك فَهو دَاعية إلى الله عَلَى بَصِيرَةٍ وَحقٍّ وَهُدى، يُناصِر ويُؤازر ويُعاوَن ويُقصَد ويُعمَد ويُؤخذُ العلِمُ عنه.

ومن كان على مَسلَكٍ غير هذا المَسْلَك، فهو لا يخلو من رجلين؛ أحدِهما: داعية الهوى والضلال، أهل البِدَع والمُحْدَثَات في دين الله، فهؤلاء يجب بُغضُهم لله – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- والتَّحذيرِ مِنْهُم، والإِغْلاظُ عَليهِم والصِّياحُ بِهم مِن كل حَدَبٍ وصوْب، حينما تكون الكِفّة راجحة، وشوكة أهل السُنّة قَويّة ومكانتهم عظيمة في مجتمعاتهم، هذا هو مسلكهم مع أهل البِدعة والهوى.

وإذا كان العَكس فَكانِت الشوكة القوية والكفّة الراجِحَة والصَوْلة والجوّلة لأهل الهوى، فإنَّ العُلماء البَصيرين ودُعاة الحقّ يَكتفونَ بردِّ البِدعِ والمُحدَثات، ويَدَعون هؤلاء خشية أن يُفسدوا عليهم دعوتهم لما لهم من قُوّة شَوكة وصوّلة وجَوْلة ورُجحان كِفَّة.

الثاني من هؤلاء: الجَهَلّة، فَهؤلاء الجَهّلة، وهم المُتعالِمون والمُتصدّرون في الدّعوة وتعليم النّاس وتفقيههم بمحضِ الرأي أو القياس أو مُجَرَّد النَظّر، وليس عندهم من فقهِ الكتاب الكريم وسنة محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصحيحة، فَهؤلاء حَقّهم عَلينا النُّصح والبَيان، والأَخذ بَأيدِيهم إلى سبيلِ النجاة ومَسلَك الحقّ، فإن استَجابوا فهم مِنّا ونحنُ منّهم وَهُم إخواننا، وإن أبوا إلا ما هم عليه من المَسلك الجاهِل الخاطئ نابذناهم ومقتناهم وجانبناهم، بل وحَذَّرنا منهم.

وسيأتي لهذا مَزيد بَسط - إن شاء الله- في الجَلسات القادِمة، وقد بَيَّنَ أخونا وصاحبنا الشيخ عبد الله بن عبد الرحيم البخاري- حفظه الله وسدَّده- في أقواله وأعماله في خطبته القيِّمة من تحذيرات النَبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما أرى أنه يَكفي عن إعادته هنا، والآن إلى ما تَيَسَّر من الأسئلة.

السؤال الأول : بارك الله فيكم شيخنا ونفع بكم وبعلمكم.

الشيخ: الله المستعان.

الشيخ: اللَّهمّ اغفر لي اغْفِرْ لِي مَا لا يَعْلَمُونَ، وَلا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ، واجْعَلْنِي خَيْرًا مِمَّا يَظُنُّونَ. 

 

السؤال الأول:

يقول السائل: هل يجوز إبلاغ التظلم الى الجهة المسؤولة من الدولة؟ - هذا في خارج هذه البلاد – يقول علمًا بأنها تحكم بالقوانين الوضعية بغير ما أنزل الله- وهل يجوز الاقتناع و الفرح بقضائهم؟ جزاكم الله خيرا.

الجواب:

هذا السؤال ينظر إليه من شِقّين:

الشقّ الأول : رفع المظلوم مظلمته إلى هؤلاء الحُكَّام أوالمحاكم الوضعية ضرورة لا مناص منها، وتُقَدَّر بقدرها، نعم إن وجد سبيلًا إلى الصُّلح وإعطائه حقّه أو إعطائه حقه كله أو بعضه هذا خيرٌ من اللجوء إلى محاكم القانون الوضعية.

الثاني: إذا لم يجد بُدًّا من رفع قضيته إلى هؤلاء، حُكَّام الوضع، فليقتّصر على حقّه الذي يَعلَم أنّهُ لَهُ عِلم يَقين، ويَدَع ما سوى ذلك، فإنّهُ لا يحِلُّ لهُ، وإنّ كانَ لابُدّ منه، فليتّخلص منهُ، بِصْرفهِ فيما هو مَصْلَحة عامَّة للمُسلمين في بَلده، هذا ما عندي في هذه المسألة، والله أعلم.

 

السؤال الثاني:

بارك الله فيك شيخنا، السؤال الثاني يقول في هذا اللقاء: إذا لم يَأمُر الإمام بالقنوت فقنّت إمام المسجد فهل نُأمّن خلفه و نرفع أيدينا؟ وجزاكم الله خيرا.

الجواب:

أولًا: الظاهر أنَّ السائل يُشير إلى النّوازِل العامّة، فهذه من خَصائِص الحاكِم المُسْلِم، هو الذي يَأمُر بها، ويدعو إليها، فلا يَحِقُّ لأَحدٍ أن يَقْنتَ من عند نفسه، نعم الدعاء في السجود وبين التّشَهُد والسَّلام، في الساعات المباركة مثل نزول المطر، وبعد عصر الجمعة، أو بين الخطبتين إذا جلس الإمام- وأنا أميل إلى هذا-، وفي جوف الليل هذا مطلق وواسع، فلكل مُسلِم أن يدعو على أهلِ البَغي والعُدوان من البُغاة والخوارِج والكفار والرافضّة إذا تعدُّوا على المسلمين، مِثل تَعدّي الحوثيين الرافضة الكُفّار الباطنية، وعثّوِهِم في اليمن الفساد.

ثانيًا: إذا جَرَت عادة الإِمام أنه يَقِرُّ من هَؤلاء - عُرِف مِن عادته- أنه لا يمنع، أو صَدَر منه ما يدل على هذا الفعل فلا بأس في ذلك، والله أعلم.

 

السؤال الثالث:

أحسن الله إليكم شيخنا، السؤال الثالث، يقول السائل: رجلٌ طعن في السن إذ بلغ خمس وتسعين سنة من عمره وهو يُصَلِّي ويشقُّ عليه أن يتوضأ؛ فهل له أن يَتيمم وذلك في كل صَلاة؟ بارك الله فيكم.

الجواب:

نعم له اأن يتيمم، ﴿ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [ البقرة 286]، وهذا وسَعهُ، ولهُ إِنّ لم يُحدِث أن يَتوضَأ عِدّة صلوات فرائِض ونوافِل، وإذا شَقّ عَليه كل صَلاة في وقتها جمع بين الظهر والعصر في وقتِ العَصر في أول وقت العصر، وبين المغرب والعشاء في أول وقت العشاء.

 

السؤال الرابع:

بارك الله فيكم شيخنا، السؤال الرابع في هذا اللقاء، يقول: في بلدنا إذا تَخَلَّف الإمام عن صلاة الجماعة يؤمُّ الناس المؤذن وهو لا يُحسن القراءة، فإذا قرأ يخطأ في إخراج بعض الحروف مثل حرف (الحاء ) يقرأه (هاء) و(الصاد) ( سين) وهَلُمَّا جرًّا؛ فهل نُصلي معه وبعد ذلك نعيد الصلاة خشية الفِتنة؟

الجواب:

أولًا: يجب على الإمام نفسه إذا كان من عادته التخلّف لكثرة مشاغله أن يُنِيب رجلًا عنه، ولا مانِع أَن يُعلن في الناس قائلًا إذا تخلّفت - تأخّرت عن الوقت- فليصلي فلان أو فلان أو فلان.

بقي حال هذا المؤذن، نحن لا ندري في الحقيقة عن قدرته، فلا يحلّ لهُ أن يَقرأ الحاء هاء، ولا الصاد سين إلا إذا كانت هناك قراءة تلقّاها عن بعض أهل العلم، وأنا لا أعلم أن (الصاد) تُقلَب (سين) في كل الأَحوال مثل الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، يقول: (السِّرَاطَ)، هل في ذلك قراءه يا شيخ عبدالله؟

الشيخ عبدالله: لا أعرف.

الشيخ عبيد: الشيخ عبدالله يقول لا أعلم أو لا يوجد قرآءة؟

الشيخ عبدالله: لا أعرف.

الشيخ عبيد: كذلك أنا لا أعلم هناك قراءة، فالأَوْلى أن يُناصَح هذا المؤذن، يَنصحهُ رجلٌ عاقلٌ رفيق لين في الخطاب، ويُبَيِّن لهُ أنّهُ من حُبّه الخير- جزاه الله خيرًا- ناب عن الإمام لكن عنده أشياء تُنَفّر النّاس منه، من الصلاة خلفه، يُبينها لهُ، ويُعَلّمه إن استطاع أن يعلمه، ويدعوه إلى أن لا يصلي بالناس، فيقول يكفينا منك -بارك الله فيك- الأذان.

 

السؤال الخامس:

بارك الله فيكم شَيخنا ونفع بكم الإسلام والمسلمين، السؤال الخامس في هذا اللقاء؛ يقول السائل: ما حُكمُ الجِهاد لمن يُقيم في اليمن وهو ليس من أهلها؟

الجواب:

حاكِم اليمن وهو الرئيس عبد ربه بن منصور بن هادي دعا أهل بلده فالدعوة متوجه إليهم ولا يُفهم غير ذلك، وقد أفتينا ونُشرت فتوانا بأنه فرض عين على اليمنيين يعني في اليمن، أمَّا غيرهم فلا يشمله هذا الاستنفار العام، وإن تمكّن وأُذِنَ له؛

أولًا: التّمكن.

الثاني: الإذن له.

الثالث: انضمامه إلى القيادات العسكرية أو المدنية المُعتَرف بها، لابد من هذه، ولا ينفلت يجاهد بنفسه.

 

السؤال السادس:

بارك الله فيكم شيخنا، السؤال السادس في هذا اللقاء؛ يقول: نحن معتمرون من غير هذه البلاد أجَّرنا سيارة فنسينا إعطاؤه الأُجرة ولا نعرفه؛ فماذا نفعل؟

الشيخ: يعني استأجروا سيارة كذا.

القارئ: إي نعم.

الجواب:

هذا أظنه بعيد، يعني لا أتصور أن سائق سيارة أجرة يترك المستأجرين هكذا ينزلهم ويمشي، لا أظن هذا، قد يكون حصل له ما يذهله في بيته أو في نفسه يعني أتاه خبر يُذهِلهُ، نعم قد ينسى بعضهم، يعني مثلًا الحافلة الكبيرة، الحافلات الكبيرة فيها خمسون راكبًا، فينسى واحد أو اثنين أو أكثر من ذلك، ينسى، وهم انشغلوا ولم يعطوه أُجرته، هذا يحصل، أما نسيان الرُّكاب كلِّهم، الذي أعرّفه من حرصِ قادة سيارات الأُجرة أو غيرها، وهو حقٌ لهم، أنهم لا يتركون الناس هكذا.

ففي هذه الحال يجب عليكم التَّصدق بهذا المال، على نيّة صاحِبه، ثُمَّ إن جاءكم صاحبُكم، فأخبروه، فإن قَبِلَ ، يعني قبِل عملكم هذا، أَدَّيْتم، تكون الصدقة له هو - الأجر له هو- وإن أبى وطالَب بحقِّه، فأعطوه حقَّه، وما أَدَّيتم من الصدقة يكون أجرهُ لكم.

 

السؤال السابع:

بارك الله فيكم شيخنا، السؤال السابِع في هذا اللقاء؛ يقول السائل: امرأة أرضعت رجل، ثلاث أو أربع رضعات، والآن يريد أن يتزوج بنت المرضِعة؛ فهل تَحِلُّ له أم لا؟

الجواب:

السُّنّة دلَّت في هذا على أمرين:

الأول: أنَّ الرَّضاع المُحَرِّم خمسُ رضعات معلومات.

الثاني: أن يكون الرَّضاع في الحَوْلَيْن، وهو أرجح أقوال أهل العلم الثلاثة في هذه المسألة، والسائل قال: ثلاث أو أربع، فالمتيقَّن إذن ثلاث، وحتى لو تُيقِّنت الرابعة فلهُ أن يتزوج بنتها، لأنها لم تعد أُمًّا له، بالرَّضاع المذكور، والعُهدة على السائل.

الشيخ عبد الله البخاري: تتمةً لكلام الشيخ – الله يحفظه- وقد ذكر الراجح في هذه المسألة، وهي أن المُحَرَّم من الرَّضاع هي خمس رضعاتٍ مُشبعات.

الشيخ عبيد الجابري: مَعلوُمات، نعم ومُحَرِّمة.

الشيخ عبدالله البخاري: معلومات، ومحرِّمة، فأقول: لكن بعض أهل العلم، وبما أن هذا السؤال فيه شُبّهة، هناك جمع من أهل العلم يرون أن التحريم، فيما كان من رضعتين أو أكثر، لقوله – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : «لا تُحرِّمُ المَصَّةُ ولا المَصَّتانِ»، وفي بعض الألفاظ: «الإِمْلاجةُ ولا الإِمْلاجَتانِ»، [ صحيح ابن حبان الجزء أو الصفحة:4226

فإن المسألة فيها شُبهة، فلعله يتقي، والنساء غيرها كثير – إن شاء الله- ولو أخذ برأي الشيخ، فهو رأيٌ كما قال الشيخ هو صحيح، والله أعلم.

الشيخ عبيد الجابري: أقول: أولًا: نحن بنينا – بارك الله فيك وفي السامعين والحاضرين- على ما هو معلوم عند أهل العلم من حديث عَائِشَة في صحيح مسلم: «أُنْزِلَ فِي الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ فَنُسِخَ مِنْ ذَلِكَ خَمْسٌ وَصَارَ إِلَى خَمْسِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ» [صحيح مسلم: 1452]

ثانيًا: لم يظهر لنا تَردُّد، هو قال: (ثلاث أو أربع)، وعلى كلٍّ الشيخ عبد الله – وفقه الله- لم يخطئ كلامي، صوَّبه، وذكر أمرًا هو محلُّ اجتهاد، ولكني أنا على هذا القول.

 

السؤال الثامن:

بارك الله فيكم شيخنا، لعله السؤال الثامن والأخير في هذا اللقاء، يقول: والدتي لا تُصَلِّي أبدًا، ووالديّ على قيد الحياة، ونصحناها كثيرًا؛ فما هو العمل؟ جزاكم الله خيرا.

الجواب:

إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أقول: هذا كما يقول الشاعر

وَظُلْمُ ذَوِي الْقُـرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَـةُ عَلَى الْنَفَسِّ مِنْ وَقْعِ الْحُسَامِ الْمُهَنَّدِ

أظن كذا بيت الشعر، فهذه بَليّة من البلايا، أقول: إن قَدِرت على البُعدِ عنها فابتعد، بشرطِ أن تكون قد أحسنت نُصحها، وبَيَّنت لها وتَبُلُّ قرابتها منها ببلالها، كما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –: «إِنَّ آلَ أَبِي أَبِي فُلَانٍ لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ، إِنَّمَا أَوْلِيَائِي الْمُتَّقُونَ، وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ أَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا» [ البخاري 8 - 6/ كتاب الأدب /باب يبل الرحم ببلاها، مسلم 1/197/ كتاب الإيمان/ باب موالاة المؤمنين ومقاطعة غيرهم].

الشيخ عبد الله عبد الرحيم البخاري: هذه المسألة - بارك الله فيكم- الله يحفظكم شيخنا كما ذكرتم، هي سئل الإمام أحمد - رحمه الله- قريبًا من هذا السؤال وقال له السائِل: إن لي أُمًّا لا تصلي أفأهجرها؟ فقال -رحمه الله - مجيبًا قال: "ادعُها لعلّها تُصلي" يعني استمر في نُصحها ولا تيأس.

 

القارئ: فائدة ذكرها أحد الأخوة - جزاه الله خير- يقول: هناك قراءتان متواترتان في (الصراط)؛ ورد ب(السين) وكذلك بالزاي، (السراط) و(الزراط) كلها متواترة.

الشيخ عبيد الجابري: نقبل هذا بشرط أن يكون الشخص قارئًا، تلقاها بالسند.

الشيخ عبد الواحد المدخلي: هو متخصِّص في القراءات يا شيخ.

الشيخ عبيد الجابري: إذا كان متخصصًا قبلنا هذا - بارك الله فيكم، وأنا والشيخ عبد الله اتفقنا على شيء أنا لا نعلم، يعني لم نقل ليس قلنا لا نعلم، فجزاه الله هذا خيرا، إذا كانت قراءة متواترة فالحمد لله، لكن بقي قراءة ذاك المؤذن الحاء هاء؛ هذا لا يُعرف إلَّا عند الأعاجم، وبعض الأعاجم - ما شاء الله- تَعَرَّبوا فصاروا مثلنا، أمَّا عربي فما علمت عربِيًّا ينطقُ الحاء هاءً، حتى العوام البوادي عندنا ينطقونها كذلك.

 

القارئ: أحسن الله إليكم شيخنا وبارك فيكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين، الأسئلة انتهت شيخنا جزاك الله خير.

الشيخ عبيد الجابري: وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَّبِيِّناَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.   

الشيخ: 
عبيد بن عبد الله الجابري