جديد الموقع

888507

السؤال: 

هذا يقول نُلاحظ هذه الأيام إقبال الناس على طلبة العلم الصغار ، أكثر من إقبالهم على العلماء والمشايخ الكبار ، فهل هذا يدخل في قول ابن مسعود " لايزال الناس بخير ما أتاهم العلم عن أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم – وعن أكابرهم ، فإذا جاء العلم من قبل أصاغرهم هلكوا وما نصيحتكم لهؤلاء ؟

هذه من أسئلة الشبكة موقع ميراث الأنبياء .

الجواب: 

قول أولاً: في هذه المسألة ينبغي لطلبة العلم أن يحرصوا على العلو وهو الأخذ عن العلماء الكبار ، والمشايخ الكبار ، كبار مشايخ أهل السنة إذا ادركوهم فالواجب عليهم ذلك ، لأن هذا سنة عن من سلف ، طلب العلو ، والعلو أقسام :

- العلو النسبي: والعلو النسبي فيه ، في أنواعه بالنسبة للشيوخ ، فهذا له جلالة ومرتبة ، الأخذ عنه علو ، يختلف عن الأخذ عمن دونه ، فهذا مطلوب ولم يزل العلماء على ذلك وهو مُدون في كتب أصول الحديث ، وقد رغب فيه السلف غاية الترغيب .

- يبقى الأمر الثاني: وهو الصغار قول ابن مسعود إذا آتاهم عن أصاغرهم أو صغارهم هلكوا ، فُسرَ بتفسيرين :

  • الأشهر والأكثر أن المُراد بالأصاغر أهل الأهواء والبدع وإن كانوا كباراً في السن فهم أصاغر ، وعليه فأهل السنة ليسوا بأصاغر ولو كانوا صغارًا في السن.

  • وفسره آخرون كابن قتيبة وغيره على أن هذا يدخل فيه ، وذلك لأن العالم الكبير قد استصحب الخبرة وعايش التجربة ، وعرك العلم وازداد منه وتبحر فيه ، وبعُد عنه الطيش ، تقدمه في السن يورثه الضبط والركاد والتروي والتأني ولا شك أن هذا يختلف فيه الكبار عن الصغار ، فإذا قيل بذلك فهذا يعود إلى الأول ، وهو العلو النسبي بالأخذ عن من ؟ عن هؤلاء العلماء.
    ولكن قد يُقال أنه في بعض الأحيان ، في بعض الأزمان، أو في بعض البُلدان، لا يوجد إلا طلاب علم، فمثل هؤلاء يؤخذ عنهم، بل كان بعض شيوخنا يعهد بالصغار في السن إلى من هو أكبر منه ، فمثلاً لو كنا في هذه الحلقة جميعاً فنحن ننظر فيها صغار في السن أو لا نعم ، يجدون صغاراً في السن فيفصلونهم على جانب ويوكلون عليهم من كبار طلابهم ، يقومون عليهم بتحفيظهم أساسيات العلوم حتى يُتقنوها ، ثم يشرحونها لهم شرحاً مبسطاً ، ثم بعد ذلك ينقلونهم إليهم وهذا يوم أن كانت المدارس هذه غير موجودة ، أما الآن ولله الحمد حينما يأتي طالب العلم في الثانوية وفي المتوسطة ، الثالثة المتوسطة فما فوق ، فهذا الغالب أنه قد جاوز هذا المقدار الذي ذكرنا في السن ، فحين إذٍ ينبغي له أن يلتحق بحلق أهل العلم الكبار والأخذ عن هؤلاء لا يعيب، إذا لم يوجد إلا هم أو أقعدهم أشياخهم ، أو ولوهم أو سدوا مسداً طلبه منهم الأشياخ ، أو تعاونوا مع الأشياخ فيه ، أو أن الأشياخ أقروهم عليه ، يعني مثل هذا الذي ذكرنا ، كتحفيظ المتون وتبسيطها لهؤلاء الطلبة المبتدئين ، فهذا لم يزل العمل عليه من قديم ، وأما ما يتعلق بتقرير العلم وتقعيد المسائل وبيانها فهذا إنما هو لمن تمكن ورسخ في العلم في هذا الجانب ، وذلك لأن الأخذ عنهم مأمون ، والخطأ في جانبهم قليل ، بخلاف الأول ، فالخطأ في الجانب الأول أكثر والإصابة مُتوقعٍ فيها قليل ، خصوصاً إذا دخلوا في كبار المسائل ، وخاضوا فيها فعلى هذا نقول إن الإطلاق للأصاغر ليس على إطلاقه في السن أبداً بل طائفةٌ كثيرةٌ من السلف ذهبوا إلى أن المراد به أهل البدع فإذا جاء من أهل البدع وقع الهلاك ، ولا مانع أن يدخل فيهم الصغير في السن الذي لم يتأهل ولم يستعد لهذا الباب فحين إذٍ قد يلحق من تحلق عليه الهلكة ، ونوصي أبنائنا وإخواننا أن لا يكون هذا التفسير مانع لهم من نشر الحق الذي علموه وتأكدوا منه وضبطوه مع أشياخهم فإنهم يُعلِمونه وما لم يعلموا أو يأخذوه عن أشياخهم فلا يتعدوا إليه وليُحيلوا بطلبتهم على أشياخهم هذا الذي يظهر لي في ذلك والعلم عند الله تبارك وتعالى

الشيخ: 
محمد بن هادي المدخلي