جديد الموقع

888588

الجواب: 

الشيخ: الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا مُحَمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

أما بعد..

 

نُتِمُّ في هذه الجلسة - إن شاء الله تعالى- ما بقِيَ لنا من باب الغُسل، الذي هو الطهارةُ الكبرى، ورَفعُ الحدَثِ الأكبر، وفي الجلسة القادمة - إن شاء الله- نُعلن للجميع أنَّ القراءة ستكون في حديث "وَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ" الحديث، إلى آخره، فليُعْلَم هذا.

القارئ: بسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد ..

اللهم اغفر لنا ولشيخنا ووالدينا وللسامعين.

قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله- في (بلوغ المرام من أدلة الأحكام) في باب الغُسلِ، قال: وللأربع عَنْ عَائِشَةَ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُا-قالت: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ مَاءً) وهو معلول.

الشيخ: نعم تقدم هذا في الجلسة الماضية. 

القارئ: وعَنْ عَائِشَةَ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُا- قالت: (كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-إِذَا اِغْتَسَلَ مِنْ اَلْجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ، ثُمَّ يَأْخُذُ اَلْمَاءَ، فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ اَلشَّعْرِ، ثُمَّ حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِم.

الشيخ: أقول هذِهِ إحدى صِفِتيّ الغُسل عن النَّبِي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-والأخرى ما رَوَتْهُ أمُّ المؤمنينَ مَيمونة بِنتُ الحَارِث- رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُا-، فَبِأَيِّ الكَيْفِيَّتَين اغْتسلَ المسلم أصابَ سُنَّة، والغُسل لم يُنْقَل عن النَّبِي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فيما نعلم أنهُ اغتسل للناس، نُقِلَ عنه صفةُ التيمم كما سيأتي - إن شاء الله تعالى-، والوضوء والحج والصلاة، والسِّرُ في ذلك أنَّ ما كانَ من العبادات له حقيقةٌ لُغوية وحقيقةٌ شرعيَّة بيَّنَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الحقيقة الشرعية حتى لا تلتبس باللغوية، من ذلكم الصلاة؛ فهي في كلام العرب الدعاء، في الشرع بيَّنها النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-بقوله وفِعله، وبيَّنَ أوقاتها، وقال: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وهكذا.

أمَّا ما ليسَ له حقيقةٌ شرعيةٌ، بل له حقيقةٌ لغوية وعُرْفِيَّة، فالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ترك الناس فيه على ما هو من فصيح لغة العربِ وصريحها، من ذلكم غُسل الجنابة، وما نُقل إلينا، هو عن طريق أزواجه، أمهاتُ المؤمنين -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنْ-.

وهذا الحديث فيه فوائد:

إحداها: أنَّ هذه هي صفة الغُسل الكامل، ومثلها ما جاء فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا-.

الثانية: جواز إفشاء أسرار البيوت لمصلحةٍ شرعية، لا يوصلُ إليها إلا به، وبالمُقارنةِ بين الحديثين، هذا وحَدِيثِ مَيْمُونَةَ، فإن حديث ميمونة أبسط من حديث عائشة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الأُمَّيْن وعن سائِر أُمهات المؤمنين، وعن سائر الصحابةِ رجالًا ونساءً أجمعين - فحَدِيثِ مَيْمُونَةَ ذكر أنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استنجى وغسل كفَّيْه وضربَ بيديه  الأرض أو الحائط مرَّتين، وهذا لإزالة ما يعلق باليدين من الأذي على إثر الإستنجاء الذي يحصل بالتقاء الرجل والمرأة حال الجماع، فلو أنهُ مسح بالجدار، أو استعمل صابونًا ممسكًا، لما كان عليهِ من بأسٍ- إن شاء الله-، لا سيما أن الأراضي الأن كُلها مرخَّمة، أراضي البيوت، إلا القليل، الحمام والبيت كُلهُ، إلا القليل، فيستعملُ ما يُزيل الرائحة الكريهة، العالقة باليد اليُسرى حال الإستنجاء، فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ، ذكر أنهُا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا- جاءت بخرقة، يتنشف بها فردَّها، قال أهل العلم، "حتى لا يتخذها الناسُ سُنة".

في حديث عائشة لم يذكر ذلك، في حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا-  أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعل إفاضة الماء على جسدهِ جميعًا بعد الفراغ من وضوء الصلاة.

وفِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ، خلاف ذلك، فإنه-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخر غسلُ الرجلين حتى انتهى من الغُسل كُله، وتّنحَّى.

قال بعض أهل العلم: "لعله كان هناك أذى في المُغتسل" في مكان الغُسل، والله أعلم، وبقية الأُمورمُتقاربة.

والمقصود أن المُسلم إذا أفاض الماء على جسدهِ، من السُّنة أن يبدأ بالميامن قبل المياسر، وكذلك ليس عليه أن يغسل الشعر، فمن كان شعرهُ طويلًا ليس عليه أن يغسل الشعر، وإنما عليه أن يصُبَّ؛ يأخذ بيديه، أو يأتي تحت الصنبور أو هو يسمى" بالدش"-في عُرف الناس ثم يُخلل شعره، حتى يغلب على ظنهِ أنَّ الماء وصل إلى البشرة- طبقة الرأس العُليا- وهذا يكفي، واللهُ أعلم.

القارئ: وَلَهُمَا فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ: (ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى فَرْجِهِ, فَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ, ثُمَّ ضَرَبَ بِهَا اَلْأَرْضَ). وَفِي رِوَايَةٍ: (فَمَسَحَهَا بِالتُّرَابِ). وَفِي آخِرِهِ: (ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِالْمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ).

الشيخ: هذا سبقت الإشارة إليه، بعده، حديث ميمونة سبقت الإشارة إليه لخصناه.

المتن: وَعَنْ أُمّ سَلَمَة- رَضِيَ اللَّه عَنْهَا- قَالَتْ : ‏‏( قُلْت : يَا رَسُول اللَّه إِنِّي اِمْرَأَة أَشُدّ شعر رَأْسِي أَفَأَنْقُضهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَة ؟ وفي رواية (والحَيْضَة) قَالَ : لَا إِنَّمَا يَكْفِيك أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأَسَك ثَلَاث حَثَيَات) رواهُ مُسلِم.

الشيخ: يبدو أن أُمّ سَلَمَة - رَضِيَ اللَّه عَنْهَا- كثيفة الشعر وطويلة - شعرها طويل- وهكذا سَمتُ المُسلِمة فَسَمتُ المُسلمة أن تعتني بِشعر رأسها، وتشدّه أو تضفّرهُ وتُرسله قدر الإمكان.

وهذا الحديث فائدته:

أولًا: أن المرأه المسلمة إذا اغتسلت من الحدث الأكبر سواء كان جنابة أو حيض أو نفاسًا فإنها لا يجب عليها أن تغسل شعرها كله من أصوله إلى حيث ينتهي، هذا خطأ وإنما تصب الماء وتخلل بأصابعها حتى تتيقن أو يغلب على ظنها أن الماء بلغ مبلغه من الرأس، وصل إلى أصول الشعر.

وثانيًا: أن المرأة المسلمة إذا اغتسلت من الحدث الأكبر لا يجب عليها أن تنقض رأسها إذا كان مظفَّرًا أو مشدودًا وبهذا تعلم كلُّ مسلمة أنَّ ما يعمد إليه كثير من نساء المسلمات من قصقة الشعر والعبث فيه، بعضهن تجعله، كأنه مدرجات بأن هذا وهذا ليس من سمت المسلمة، بل هذا من سمت الكافرات، ويجب على المسلمة أن تبتعد عن التشبه بالكافرات في ما عُلِم أنه من شعائرهن، وعليها أن تتزيَّ بزيِ المسلمات لاسيما أمهات المؤمنين وسائر نساء الصحابة - رضي الله عنهن أجمعين-.

القارئ: عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا - قَالَتْ: قال رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنِّي لَا أُحِلّ الْمَسْجِد لِحَائِضٍ وَلَا جُنُب» رواه أبي داوود وصححه ابن خزيمه.

الشيخ: هذا الحديث ظاهره تحريم جلوس الجنب والحائض في المسجد لكنه ضعيف، لا تقوم به حجة، فهو من رواية جسرة بنت دجاجة- والله لا أدري دجاجة أبوها أو أمها - قال البخاري- رحمه الله- في ترجمتها، لها عجائب وهذا جرح بليغ من البخاري - رحمه الله-.

بَقِيَت المسألة وهذه المسألة فيها خلافٌ كبير من أهل العلم، فمنهم من شدَّد فيها، وحرّم مُكث الحَائِضٍ وَالجُنُب الحائض في المسجد، تحريمًا مطلقًا هكذا، ومنهم من أباح ورأى جواز ذلك، فمن حُجج المانعين ما صحّ عَنْ عَائِشَة -رَضِيَ اللَّه عَنْهَا-أن النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لها ناوليني الخمرة، وكان في المسجد، قالت أنها حائِض، قال: «لَيْسَتْ حَيْضَتُكِ فِي يَدِكِ»، وهذا تحديدٌ لمكان النجاسة، وما بَقِي من بدنها فهو طاهر، لكن يُشكل عليه قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ المُؤْمِنَ لَا يَنْجِس» هذا لفظ حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، وعن حُذَيفَة- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:«إِنَّ المُسْلِمَ لَا يَنْجِس»، والمعنى واحد، وهذا فيه في الحقيقة إباحة صريحة، وأنَّ بدن المرأة المسلمة طاهر.

وكذلك صحَّ عن عطاء - رحمه الله- قال: كَانَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ– صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ- يَتَحَدَّثُونَ فِي المسْجِدْ وَهُمْ جُنُبْ إِذَا تَوَضَّؤُوا وُضُوءَهُمْ للصَّلَاة. أخرجه سَعيد ابن منصور في سُننه، وساقَهُ ابن كثير - رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ﴾ الآية [النساء:43]، ثم قال عَقِبَه: وهذا على شرط مُسلِم، والذي يتلخص لنا - والعلم عند الله- الكراهة، جمعًا بين الأحاديث، فتجنب المرأة المسلمة المسجد حال حيضها وكذلك الجُنُب من الرجال والنساء على سبيل الكراهة، لا على سبيل الوجوب.

وها هنا مسألة هل يجوز للمسلمة أن تقرأ القرآن وهي حائض؟

وها هنا يُفرَّق بين حالين:

الأولى: إذا كانت عن ظهر قلب فهذه لا إشكال فيها إن شاء الله، وكذلك إذا كانت تقرأ القرآن من خلال كتاب تفسير مثل تفسير ابن كثير، تفسير ابن جرير، تفسير ابن أبي حاتم وغيرها، وإنما الخلاف الكبير إذا كانت تقرأ من المصحف، فمن أهل العلم من شدَّد في هذا، ومنعها إلا أن تكون بحائل –خِرقة- تجعلها على يدها أو القُفاز وهو الذي يسمِّيه العامة الجونتي – الظاهر أنها لفظة أعجمية- المعروف في لغة العرب وأهل الإسلام القفاز، ثم تفرَّعت عنها مسألة أُخرى قالوا لا تمسُّ الصفحات بل تقلبها بشيء مثل عود أو مرسام أو غير ذلك، وهذا في الحقيقة تَشديدٌ لا دليل عليه أبدًا، والصواب أنها تقرأ القرآن عن ظهر قلب أو من المصحف وتمسه بيدها لأن النجاسة في مكان محدود وبقية جسمها طاهر، والله أعلم.

القارئ: وعنها قالت: (كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ- مِنْ إَنَاءٍ وَاحِد تَخْتَلِفُ أَيْدِينا فِيه مِنَ الجَنَابَة) متفق عليه زاد ابن حبان (وَتَلْتَقِي).

الشيخ: أقول (الإَنَاءٍ) منه ما هو أواني مسطحة، فوهتها واسعة، وما يسَمِّيه العوام الطِّياس أو الغِراش أو الغضارات،

و منها الأباريق، وسواء كان ذا او ذاك فإنه يجوز للزوجين أن يغتسلا جميعًا، ولا يلزم أن ينظر كل واحد إلى عورة الآخر,لكن الصنابير الموجودة الآن و هي التي يسميها العامة (الدشوش) هل يتيسير هذا؟ أظنه لا يتيسر, إلا حالما يكره أحدهما أن ينظر إلى عورة الآخر, والله أعلم.

القارئ: وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةً فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَ» رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ اَلتِّرْمِذِيُّ, وضعفاه ولأحمد عن عائشه نحوه وفيه راوٍ مجهول.

الشيخ: حكم الحافظ- رحمه الله- بضعف هذا الحديث وفيما تقدم عن غسل النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يغني عن هذا .

والحمدلله الذي يَسّر، يَسّرَ على عباده ما شرعه لهم.

القارئ: بارك الله فيك شيخنا انتهت أحاديث الباب نستأذن منك في عرض بعض الأسئلة.

 

السؤال الأول:

السؤال الاول في هذا اللقاء، يقول السائل من غسل ميت وهو على وضوء وبعد أن انتهى من تغسيله ذهب وصَلَّى صلاة العصر مباشرة دون أن يتوضأ؛ فهل صلاته صحيحة أم يعيدها؟

الجواب:

لعل السائل يشير الى حديث «مَن غسَّلَ ميتًا؛ فلْيغتسل، ومَن حملهُ؛ فلْيتوضَّأ» والخُلاصة أن هذا الأمر للندب، و ليس على سبيل الوجوب، لحديث ابنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا –: (ليس عليكم من ميِّتكم غُسْلٌ إذا غسَّلته وَحسبُكم أن تَغسلوا أيديكم) ذهب الحافظ - رحمه الله - إلى الجمع بين هذين الحديثين فخلص إلى ما قلت لكم، فعلى هذا فصلاته صحيحة.

 

السؤال الثاني:

بارك الله فيكم شيخنا السؤال الثاني، يقول السائل: إن اغتسلت غسلًا عاديًا أي للتبرد ولم أنوي الوضوء عند الغسل فهل الغسل يجزئ عن الوضوء أم لابد من النية؟ وجزاكم الله خيرًا .

الجواب:

هو الأَوْلى - كما قدمنا- الغسل الكامل كما صحَّ عن النَّبِيِّ-صلى الله عليه وسلم- من حديث عَائِشَةَ ومَيْمُونَةَ  كما تقدَّم لكم، وذكرنا هذا في أول جلساتنا، أو في أول جلسات القراءة هذا الباب، باب الغسل ومن اكتفى بإفاضة الماء على جسده بدءً من رأسه حتى قدَمَيْه مرورًا، فهذا غسله صحيح، و يسميه العلماء (الغُسل المُجزئ) لكن لابد من الاستنجاء قبله حتى يزيل ما عَلِق من التقاء الرجل والمرأة. وعلى هذا فالغُسلُ - كما علمتم- هو الطهارةُ الكُبرى، والوضوء الطهارةُ الصُغرى، وأهلُ العلِم يَقولون: (تَدْخُل الطَهارَةُ الصُغرى في الطَهارةِ الكُبرى).

 

السؤال الثالث:

بارك الله فيكم شيخنا، السؤال الثالث، يقول السائل: من أراد أن يستعمل الصابون أوالشامبو في الغُسل، فهل يستعمله قبل الشروع في الغسل، أو في أثنائه أو في نهايته؟

الجواب:

الشرع - ولله الحمد- مبني على التيسير، والسائل لم يوضِّح هل يريد استعمال الصابون والشامبو في الجسم كله أو في اليدين؟

فإن كان في اليدين بعد الاستنجاء، فهذا لا بأس به - إن شاء الله تعالى-، أمَّا إن كان يريد الجسم كله، هذا من التَّكَلُّف.

 

السؤال الرابع:

بارك الله فيكم شيخنا، السؤال الرابع، أخت من سوريا توفاها الله ولم تحج، يسأل زوجها : هل يُجزئ حَجُّه عنها، وإن لم يستطع المجيء هل يجوز له أن يوكِّل من يحج عنها؟

الجواب:

ها هنا حالتان:

أولًا: فَرَّج الله عن سوريا، فإنها بين نارين، نار الملعون الكافر الملحد البعثي بشَّار، ونار المهوّسين المعارَضة، وقد بسطنا الكلام في هذه المسألة بما يغني عن إعادته هنا، فمن أراد الرجوع رجع إلى تلك المواطن التي بسطنا الكلام فيها، أعني الحمل على الطائفتين، ونسأل الله أن يُفرِّج عن سوريا كربتها، كانت بلد خيرات، العالم العربي يُفيدون من خيراتها، وكانت آمنة مطمئنة، فحزب المعارَضة هذا الخَبَل الأهبل المجنون، بل الضال المبتدع، ذَعَروا الكافر على شعبهم، هم يأكلون ويشربون في أوروبا، وقد يكون في أمريكا، والشعب السوري ما بين قتيلٍ وشريد وميت، من الجوع والعطش والبرد وغير ذلك، فنسأل الله العافية والسلامة.

والذي أحب أن أقوله: كُلُّ من تفلَّت من السُّنة وجعلها وراء ظهره جنى على نفسه وعلى أهله، وهؤلاء المقتَّلون والمشرَّدون والموتى جوعًا وعطشًا، والذين يأكلون القطط، يبوءُ بإثمهم أو بنصيب من إثمهم المعارضة، هذا شرع الله، هذا ما يدلُّ عليه شرع الله - جلَّ وعلا-.

الشيخ عبدالله البخاري: أقول أحاطتهم نار ثالثة، وهي أهل البدع والخوارج، جبهة النصرة وأعوانها.

الشيخ عبيد الجابري: نعم، نعم، هذا صحيح، داعش وغيرها، والنصرة وغيرها، المهم بدع يجرُّ بعضها بعضا، نسأل الله العافية والسلامة.

أقول: نقول لزوجها: هاهنا حالتان:

· الحال الأولى: هل لها مال أو لا؟، فإن كان لها مال، فحجِّجوا عنها قبل قسمة التركة، أخرجوا حسب سعة مالها، أخرجوا عنها حجًّا وعمرة، وإن لم تستطيعوا فحجًّا مفردًا.

· الحال الثانية: إذا لم يكن لها مال يُحجَّجُ عنها منه، فلزوجها أن يحج عنها تَبُرعًا، إذا كان قد حجَّ عن نفسه، فليتفطَّن السائل إلى الجواب: له أن يحج عنها تبرعًا إذا كان قد حجَّ عن نفسه، ولو حجَّ غير زوجها من أقاربها، إخوانها، أخواتها، أعمامها عماتها، وهكذا، فلا مانع، لكن لابدّ من هذا القيد، يجب على المُتبرع عنها والمتطوع أن يكون قد حجَّ عن نفسه، وكذلك النائب الذي يُعطى أُجرة على حَجِّه عنها، يجب أن يكون قد حجَّ عن نفسه.

 

السؤال الخامس:

بارك الله فيكم شيخنا وأحسن إليكم، السؤال الخامس: يقول السائل: بعض الأخوة السلفيين ممن ينشغلُ بالعلم، ولم يتمكن من الرحلة للدراسة عند العلماء، وقد مارس الخَطابة والتدريس بالاستفادة من كتب السَّلفيين ودروسهم، واعترض عليهم بعض السلفيين بحجة أنه لم يرحل للعلماء، فلا يُعدّ طالب علم؟

الشيخ:

كم أَجبنا على هذه المَسألة، لا يُكَلّف الله نفسًا إلا وُسعها، لا تَكتَرِث باعْتِراضِهم وارمِ بهِ عُرضَ الحائط، اضرِب به عُرضَ الحائط، لكن لا تَتَدخل في المسائِل الخِلافية الكبيرة العويصة، عَلِّم إخوانكَ مِمَّا عَلَّمك الله، ويُمكِنُكَ أن تجعلَ بديلًا للرحلة، الشّبكة، مثل الشّبكات السلفية، مثل ميراث الأنبياء، ومُنتدى الوَحْيَيْن، والبيضاء عهدي بها جَيِّدة، هذه تُفيدُ كل من أراد أن يَطلُبَ العلم وَلا يَقدِرُ على الرّحلة.

 

السؤال السادس:

باركَ الله فيكم شيْخنا، السؤال السادس يقول السائِل: أخت نَذَرَت أن تذبَح خروفًا بقيمة ألفِ ريال وتحقّق ما نذَرَت له ولكنها لم تَذْبح، وبعد فَتْرة ارْتفعت أسعارُ الماشِية لارتفاع أسعارِ العُملة بسبب اضطرابِ الأَمْنِ في البَلد ولم تَعُد قادِرة على الوفاء؛ فما الحُكُم باركَ الله فيكم؟

الشيخ:

أَصلَحها الله! لماذا ماطَلت! وكان الواجبُ عليها أن تُسارِع، ولكن مادام قد حصَل ما حَصل لها، فعليها التّحَلّل من نَذرِها هذا بكفّارة اليمين، فهي مُخيّرة بين ثلاثِ أشياء، إطعامِ عَشرةِ مساكين من أوْسَطِ ما تأكُل، أو من أوْسَط ما يأكُل أهلُ البلد، أو كُسوتهم، قال أهل العلم: (وأقلُّ ذلك ثوبٌ تَصُحُّ فيهِ الصَلاة) وهذا يختلف بين الرجال والنساء، أو تحريرُ رقبة مُؤمنة، فإن عَجَزت عن هذهِ الثّلاث؛ ما اسْتَطاعت ولا واحِدة منها عليها صيام ثلاثة أيّام إن شاءَت جَعَلَتها مُتَتابِعة وإن شاءَت جعلتها مُتفرّقة، والله أعلم.

 

السؤال السادس:

باركَ الله فيكم شيخنا، السؤال السادِس يقول السائل: ما حُكم التحويلات البنكيّة من هُنا إلى مِصر، علمًا بأن الدّفعُ هنا يكونُ إلزامًا بالريال ويكون الدفع يعني يكون هناك لزامًا بالدولار أو الجنيه أو اليورو ويصل المال بعد الدفع بحوالي عشرين ساعة تقريبًا علمًا أنه ليسَ لنا سبيل غيرَ ذلك؟

الشيخ:

هذه ضرورة، الظاهر لا يَسلَم منها أحد، جميعُ الغرباء،أظنُّ بلا استثناء، نادر ما نجِدَ من يحمِل نُقودهُ إلى أهله، بل وكذلك غير الغرباء من المُواطنينَ في كل بلَد لا سيّما أصحابُ الأعمال، لا بُدّ لهم من هذهِ التحويلات .

 

السؤال السابع:

يقول السائل من تونس: أحسن الله إليكم شيخنا وبارك فيكم عندنا مجموعة ممن كانوا متعصِّبين للحجوري، ثم أعلنوا تبرُّأهم منه، ثم بعد فترة أصبح البعض منهم يدندنون حول مسألة العذر بالجهل، ولا يَرَوْن العذر مطلقًا، وكذلك مسألة الإيمان، وقد ثبت عنهم من مواقعهم الطعن في المشايخ الكبار أمثال الشيخ ربيع، ويَرْمونه بالإرجاء، ويستدلون بكلامٍ لبعض المشايخ، وهذا موثَّق وموجود في بعض المنتديات، كذلك يا شيخ – بارك الله فيكم – هم شغَّبوا علينا كثيرا، والسؤال – بارك الله فيكم-:

ما هو الحكم الشرعي في هؤلاء الطاعنين وكيف نتعامل مع من يماشيهم، ويجالسهم ويدافع عنهم؛ وما هي نصيحتكم لهم، وجزاكم الله خيرا؟

الجواب:

أمَّا نصيحتنا لهم فهي متعَذِّرة، لأنهم لا يقبلون كلامنا، وهذا ثابت عندي، فكما قيل: لا ينفع الضرب في حديدٍ بارد، وأمَّا أنتم فاجتنبوهم، وعلِّموا إخوانكم مِمَّا عَلَّمكم الله، وعليكم بالاتصال بأهل العلم، للسؤال عمَّا أشكل عليكم.

وأمَّا من يماشيهم فحَذِّروهم منهم، وانصحوا لهم، فإن أَبَوْا فإنهم منهم، والله أعلم.

وهذه المسألة مسألة الحجوري والعذر بالجهل، أجبنا عليها كثيرًا جدًا، وهي موجودة - أعني الإجابة أو الإجابات- في موقع ميراث الأنبياء وغيره، فليراجعها من شاء.

 

السؤال الثامن:

بارك الله فيكم شيخنا، السؤال الثامن في هذا اللقاء، يقول السائل: ما هي صفة المسح على الجدار، وما هي الأسباب التي بسببها يُمسح على الجدار؟

الجواب:

هذه واضحة، إذا استنجى الجُنب بالماء، يضرب بيده على الجِدار، هكذا ضرب بالكف، يعني مَسْح، هذا واضح لا يحتاج إلى توضيح، وقديمًا قيل: السؤال عن الواضحات من الفاضحات.

 

السؤال التاسع:

أحسن إليكم شيخنا السؤال التاسع في هذا اللقاء، يقول السائل: يستدل العلماء بالآيات التي نزلت في الشرك الأكبر على الشرك الأصغر، فكيف يكون حينئذٍ تفسير الآية: ﴿إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّـهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّـهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ﴾ [المائدة:72] وجزاكم الله خيرا؟

الجواب:

أولًا: أنا لا أعلم أحدًا فيما وقفت عليه من الأقوال استدلَّ بهذه الآية، لأنها في الشرك الأكبر، وإنما الذي وقفت عليه، أنهم يستدلون بقوله تعالى: ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّـهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٢]، والمقصود الزجر، لأن الشرك الأصغر داخلٌ في عموم الشرك، هو يُسمى شرك لكنه لا يُخرج من المِلَّة.

 

السؤال العاشر:

بارك الله فيكم شيخنا، السؤال العاشر في هذا اللقاء، يقول السائل: عندنا في بلدنا الحكومة تُعطي قروضًا، وهذه القروض فيها واحد في المائة ربا، والحكومة هي التي تتحملها؛ فهل يجوز لنا أخذ هذه القروض؟

الجواب:

ما دام من الدولة منحة، فلا بأس عليك إن شاء الله، وإن تعفَّفت فهو أفضل، ما دمت لا تدفع فوائد ربوية، فلا حرج عليك - إن شاء الله تعالى-.

 

السؤال الحادي عشر:

بارك الله فيكم شيخنا، السؤال الحادي عشر في هذا اللقاء، يقول السائل: فضيلة الشيخ أُشهد الله أني أحبك في الله، وأحب أن أسمع منكم الإجابة على هذا السؤال وهو : ما الموقف الصحيح من كتب الذين انحرفوا عن الجادة، بعد أن كانوا عليها وعلى منهج السلف الصالح، علمًا أن هذه الكتب نافعة في بابها، فهل للباحث الاستفادة منها مع بيان حال أصحابها؟

الجواب:

هذا يختلف باختلاف الناظرين، فإن كان الناظر ذا علمٍ وفِقْه، وأهلِيّة تُمَكِّنهُ من التمييز بين الصحيح والسقيم فلا مانع.

أما أهل البداية - البدائيون في طلب العلم- فلا تُنشر بينهم هذه الكتب، ولا يُنقل لهم عن أصحابها، فيمن كان على السُّنة من الأقدمين والمعاصرين؛ في كتبهم غُنْيَة ولله الحمد.

 

وبهذا القدر أختم، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

الشيخ: 
عبيد بن عبد الله الجابري